الأحد، 20 سبتمبر 2015

الإعلام بين الحرية والمصداقية - بقلم : علي الميهي

فى ظل وجود أكثر من 500 صحيفة تصدر بشكل دوري فى مصر المحروسة .. إضافة الى مئات من القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية .. أصبح من الضروري  التأكيد على ان حرية الإعلام عامة والصحافة خاصة ليست تكئة يستند عليها كل مسيئ مغرض .. بل هى فى الواقع ضمان مقدس للممارسة الصحيحة ، وللتعبير الحر والإعلام المهني المستنير ، والنقد الموضوعي البناء .
 بين الطعن فى الشرف ،وانتهاك الحرمات والخوض فى الأعراض وبين الحق الأصيل الذى تكفله قواعد المهنة للصحفى أو الكاتب فى النقد الموضوعى ، وتوجيه الاتهام واضعا نصب عينيه دوما الصالح العام ، استتنادا الى الوقائع الحقيقية والمستندات الصحيحة والارقام والإحصاءات الموثقة ، ومحكوما بقانون الصحافة ومبادئه القائمة على القيم والممارسات الأخلاقية المتجردة البعيدة عن كل شبهة وهوى .
وباعتبار الإعلامي ضمير المجتمع الحى اليقظ ومرآته الشفافة الصادقة وكما هو معلوم بالضرورة ،فإن هذه الممارسة لا يمكن بحال من الأحوال أن تتضمن حق الإعلامي فى السب والقذف والإهانة والتشهير والعيب .. فالمواطنون جميعا أمام القانون سواء ، يخضعون جميعا له ويحترمونه ويقدسونه .. ويجمع الخبراء على أن الإعلامي كغيره هو مواطن يخضع لكل مايخضع له أى مواطن ، ولا يمكن أن تكون مهنته حصانة لا حدود لها لإيذاء غيره من المواطنين والحاق الضرر المادي والمعنوي بهم وبذويهم  بغير وجه حق أو سند من قانون أو عرف .
كما أن النقد يجب أن يتناول الشخص العام ولا يجب أن يتطرق الى ما هو شخصى من الأمور إلا بالقدر الذى له علاقة بالعمل العام الذى يباشره المستهدف بالنقد أو أنه يؤدى بشخصه وبشكل ما إلى الضرر المباشر أو غير مباشر بالمصلحة العامة او المجتمع وأفراده إجمالا.
ولسنا نقدم جديدا حين نقول أن نشر الحقيقة الموثقة أقوى بكثير من الإثارة التى تعتمد على الكذب والخداع والتضليل والابتزاز والمهاترات والتى تؤدى بدورها فى نهاية المطاف الى انعدام الثقة وفقدان المصداقية بين الإعلامي وجمهوره بل بين الجماهير بوجه عام والوسائل الإعلامية .. ليصدق حينئذ القول الشائع " كلام جرايد " بما يعنى عدم الصدق وانعدام الموضوعية ..
فكثيرا ما نجد أخبارا منشورة تعد طعنا فى أعراض الناس مبنية على أكاذيب ووقائع مختلقة لم تحدث .
إن رسالة حملة الأقلام ومفكرى الأمة هى دعم القيم الإيجابية السائدة ومحاربة الفاسد منها وترسيخ ثقافة التوحد والتوافق والتجميع للحفاظ على نسيج الأمة وتبصير الناس بالخير والشر ، والتمييز بين الغث والسمين ، والحق والباطل ، والجمال والقبح .. فدورهم هام فى تعميق ثقافة الحب ونبذ الحقد والعنف والتفرقة والتعصب والطائفية ..
آن الأوان لأن نركز على مبدأ الوسطية والاعتدال فى الفكر والاعتقاد ، وأن نبتعد عن التشدد والشطط والتزمت الأعمى .. وإذا كان التعليم بمنظومته المتكاملة هو دعامة هذه الأمة وضمان سلامة قيمها الأخلاقية .. فإن الإعلام بجميع صوره ووسائله لا يقل أهمية كعنصر رئيس من عناصر البناء الحضاري والسلام الاجتماعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق